هكذا قتل الحريري!
الدكتور عماد فوزي شُعيبي
رئيس مركز المعطيات والدراسات الاستراتيجية
وقفت طويلاً في حياتي ضد نظرية المؤامرة ولا زلت اعتبرها وسيلة الضعيف في التحليل السياسي إذا ما فقد المعطيات والقدرة على التحليل السياسي،فضلاً عن قناعتي أن المؤامرة (إن كانت موجودة أصلاً) فإن مرورها ينتج عن أوضاع داخلية في أي بلد هي التي تسهل تحققها ، أي أن هذه الأوضاع ذاتها هي المؤامرة بحد ذاتها التي تسمح لأي خطة للمرور.
إذاً، من حيث المبدأ في السياسة ثمة صراع إرادات تحتاج إلى تخطيط. وإذا ما كان التخطيط مُعلناً فإنه لم يعد مؤامرة، إنه خطة مُعلنة فإذا مرت فإن الظروف التي هيأتها هي التي يجب محاسبتها، لأنها لم تقرأ ولم تحترس ولم تتحرّز.
قمنا في مركز المعطيات والدراسات الاستراتيجية بدمشق بترجمة عدة دراسات ومقالات استراتيجية لإسرائيليين وأمريكيين، ولسوء الحظ أننا أمام ما يحدث حالياً نجد أنفسنا أمام ما يشبه السيناريو الذي يتحقق، سنقتطف للقارئ بعضاً من هذه الدراسات ، والتي يمكنه الرجوع إليها عبر موقعنا على الإنترنت
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] للقراءة المتمعنة أكثر:
1. ففـي عـام 1996 قـام ريتشارد بيرل شخصيـاً بتـسليم نتنياهو وثـيقة مـؤلفـة مـن سـت صفحـات بعنـوان "فرصة نظيفة" إلـى نتنياهو بتـاريخ 8/7/1996- أي قبـل يـومين مـن انعقـاد جلسـة مشـتركة لمجلسـي الكـونغرس الـتي تحـدث فيهـا نتنياهو.
وفيها يـذكر بيرل ورفاقـه فـي الوثيقة: "تستطيع إسرائيل أن تشكل بنيتهـا الاستراتيجية مـن خـلال إضعـاف واحتـواء سوريـا وردعها. ويمكـن أن تتركز هـذه الجهـود علـى إبعـاد صدم حسين عـن السلطـة فـي العراق، وهـذا بحـد ذاتـه هـدف استراتيجي هام لإسرائيل، ووسيـلة لإحبـاط طمـوحات سوريـا الإقليميـة".
ويقول"تعتبر سورية وإيران أهدافاً ملحة في عملية محاربة الإرهاب ويفترض أن تعاقب إسرائيل سورية في لبنان ولكن يجب أن تعاقب إسرائيل سورية في المستقبل في سورية نفسها إذا لم ينفع الأسلوب الأول. وأخذاً بعين الاعتبار طبيعة النظام السوري، فإن من الطبيعي والأخلاقي في آنٍ أن تغادر إسرائيل شعار "السلام الشامل " وأن تنتقل إلى احتواء سورية وأن تلفت النظر إلى أسلحة الدمار الشامل وأن ترفض شعار الأرض مقابل السلام في الجولان؟.
انتهى النص الأول ، ولا نود أن نعلق عليه ... يمكن للقارئ أن يفعل ذلك أكثر منا.
2. كنا قد نبهنا إلى دراسات إيال زيسر رئيس مركز موشي دايان للدراسات الأفريقية والشرق-أوسطية، وهو صاحب الاختصاص الأول -ربما- في الشؤون السورية، عندما ميزنا بين ما يكتبه بالعبرية وما يكتبه بالإنكليزية،حيث بالعبرية يكتب ما يعكس وجهة النظر الاستراتيجية التي ُتقدم لصاحب القرار الإسرائيلي، إما ما يكتبه بالإنكليزية، في الصحف والمجلات الغربية، فهو مختلف ويهدف إلى الاندراج في لعبة البروباغندا الإعلامية الغربية ، وهذا ما حدث عندما صور الرئيس الأسد في كتابه بالعبرية بصورة تصلح لصانع القرار الإسرائيلي ، فيما سعى لشيطتنه في الدراسات التي كتبت باللغة الإنكليزية، وقد قمنا بالرد عليه في مقال قبل نحو عام ونصف،وقد نشر مقالا بالعبرية في مركزه بالذات، وقمنا بترجمته قبل نحو عام ونصف ، ويمكن العودة إليه على موقع مركز دايان على الانترنت بالعبرية" بعنوان :انسحاب القوات السورية" من لبنان وذلك بعد إعادة انتشار القوات السورية ما قبل الأخيرة،(قبل الانسحاب السوري النهائي) انتهى فيه إلى النص التالي:
" في أية حال، ليست سورية على وشك إنهاء وجودها في لبنان أو دعمها لحزب الله، ويبدو أنه لا يوجد أي عنصر لبناني مستعد لمقاومة السيطرة السورية، ولذلك فإن الضغط الغربي الذي لا يقاوم أو أزمة محلية كبرى هما فقط يمكن أن يؤديا إلى انسحاب سوري حقيقي".
نعتقد أن لا داعي للتعليق على النص ،فهل سيتم سؤال إيال زيسر ما هي الأزمة المحلية الكبرى، التي كانت ستخرج القوات السورية من لبنان؟.
3. كتب روفين هيرليتش من معهد السياسة العالمية لمكافحة الإرهاب ICT
التابع للمركز التأديبي الصارم-هرتزليا-إسرائيل، أي من مركز الاستخبارات ومعلومات الإرهاب التابع لمركز الدراسات الخاصة (C.S.S)في رامات –هاشارون- إسرائيل ، دراسة بعنوان " الدول الراعية للإرهاب: "الإرهاب هو الوسيلة المفضلة لدى السياسة السورية" ، وفيه انتهى إلى التالي:" وفي المراحل القادمة للحملة الأمريكية فإن سورية ستكون مجبرة على إعادة تقييم سياساتها المتعلقة باستخدام سلاح الإرهاب... وعندما تكون الولايات المتحدة وحلفائها مجبرين على تبني المنهج الذي لا يتصف بالحلول السلمية والتسوية العادلة، فإن النظام السوري سيواجه معضلة صعبة وطامة كبرى لأول مرة في حياته خلال ثلاثين سنة من الحكم، حيث يتجلى هذا المأزق فيما يلي: استسلام سورية التام لهذا الضغط الدولي والأمريكي وإجبارها بشكل جذري على تغيير سياستها ودورها في هذا السيناريو السياسي، ، أو أن ترفض سورية الانصياع وتغامر –ولأول مرة في حياتها- وتدفع ثمناً باهظاً لهذه السياسة التي تستخدم سلاح الإرهاب كأداة مفضلة، وإذا غير النظام السوري من سياساته، فإن طريق تجديد محادثات السلام بين إسرائيل وسورية من المحتمل أن يتم تمهيدها والتحضير لها، وأيضاً إيجاد حل لسلسلة من المشاكل والعقبات الوشيكة الحدوث بين البلدين بما فيها مشكلة مرتفعات الجولان. وإذا رفض (الرئيس)"بشار" (الأسد) ذلك وأصر على استخدام "سلاح الإرهاب" في المستقبل فإنه بذلك سيقود بلاده إلى عزلة دولية وسيتحول إلى هدف مباشر عبر مراحل متعددة من أنواع العقوبة التي ستشمل التدخل في الشؤون الداخلية، فرض عقوبات اقتصادية، والقيام بعمليات عسكرية موجهة تهدف إلى تدمير البُنى التحتية للمنظمات الإرهابية المتواجدة في كلا البلدين سورية ولبنان.
النص أيضاً لن نُعلق عليه .
لقد اعتمد فيتز جيرالد ومن بعده ميليس على شهادات سياسيين وصحافيين ونحن بدورنا نأمل أن يتم استيداع هذه الشهادات واستدعاء كل من ورد اسمه في هذه الشهادات لسؤاله، فإذا كانت الشهادات الصحافية اللبنانية مرجعية قضائية فإن الشهادات الاستراتيجية تبقى أكثر أهمية.
منقول عن مركز المعطيات والدراسات الاستراتيجية
الدكتور عماد فوزي شعيبي
chegevara